يبدي الشاعر أحمد يماني في مجموعته الشعرية الثالثة "وردات في الرأس" منشورات "ميريت"، القاهرة استعداداً واضحاً لمزج تقنيات القصيدة اليومية مع مناخات النثر التقليدي. ولذلك نجد في ما يكتبه الحياة البسيطة والعادية التي تحيط بالموضوعات والبشر والتفاصيل. والاستثمار الذي يقوم به الشاعر داخل هذه الأجواء هو في اكتشاف ما هو شعري وخاص داخل النسيج العام للغة هذه الحياة ولهجاتها المتعددة. لكنه لا يكتب خلاصة ذلك بطريقة الحذف والاقتصاد في المادة الشعرية وفي قواها التعبيرية والأسلوبية، كي يحول القصيدة الى حالة قصيرة ومقتضبة شعورياً ولغوياً، بل انه يترك القصيدة تأخذ ما يزيد أحياناً عن متطلباتها النصية ومساحة المعنى فيها. انه لا يسعى الى كتابة قصيدة مضغوطة كالتي نقرأها لشعراء آخرين يكتبون بأقل الكلمات وأرهفها، داخل ايقاع هش وصارم، فتبدو قصائدهم ملمومة وحادة النبرة ويصعب ان تجد فيها كلمة زائدة او اشارة نافرة. يتغاضى يماني عن ذلك، فيترك القصيدة ترتاح في قول الدفقة الشعرية بكاملها، إنّما من دون استنفادها. هذا لا يعني انه لا يعمل على صقل قصيدته كي تكون رشيقة ومرنة. لكنه يجد شعرية ما في اللجوء الى الاستطراد والشرح والاسترسال وتقليب المعنى على أكثر من جهة واحساس. هكذا يمزج اليومي مع مناخات النثر. فهذا النثر غالباً ما يحتفظ بنكهته النثرية: